تجد الكثير من الكتاب ينشرون العشرات بل ربما المئات من مقالات مكررة الأفكار، هذا إن قبلنا أن ما فيها هو أفكار. كل جملة في المقال تكاد تجدها في كلام الآخرين: ليس الأمر سرقة فكرية هنا، بل قضية تناسخ لحديث شائع. سأضرب مثلاً على هؤلاء الكتاب: يقول أحدهم مثلاً الجملة التالية: "ولا شك أن التكنولوجيا المعاصرة قد أدت إلى تغيرات عظيمة في وسائل الاتصال، وسرّعت ويسّرت من الاتصال بين الناس، وأدى هذا إلى تغييرات مهمة في حياة الفرد والجماعة". أو آخر يقول "الكتاب رفيق مهم في الحياة، فمنه تجد المعرفة والثقافة، وهو مخزن الحكمة".
منبع دهشتي من مثل هذه المقالات هو تساؤلي الداخلي: ألا يعتقد هؤلاء "الكتّاب" أنهم يفقدون حياتهم بقولهم للمكرر والمتوقع؟ ألا يعتقدون أنهم بهذا مجرد نُسَخٍ من نسخٍ من نسخٍ من حديثٍ شائعٍ؟ أتألم أحياناً لشأن هؤلاء، ولكني أعود فأقول "لربما هم كذلك ليس لأنهم لم يفكروا فيما يقولون، أو بالأحرى ليس لأنهم لم يفكروا فيما لا يقولون، بل لأنهم خلقوا هكذا، أعني أن شيئاً في جينومهم يفرض عليهم ما أراه إضاعة أصالة فكرة أو كلمة، بل إضاعة حياة كاملة!"
ربما! ما رأيكم؟
هو الجينوم الموروث منذ عهد ابتكار آدم
ردحذففي كتابه الشهير "الجينة الأنانية" قدّم عالم الأحياء ذائع الصيت (ريتشارد دوكنز) مفهوم "الميمة meme"، وهي النظير الفِكري والثقافي للجينة، حيث أن الأفكار والبُنى الثقافية تتناسخ وتقوى بقدر تناسخها، منتقلة من عقل إلى عقل (ليس بالضرورة عقلا مفكرًا أصيلا!). هل تعتقد أن مفهوم "الميمة" هذا يُمكن أن يفسر هذا التكرار؟ ربما ليس تفسيرًا كاملا، ولكن مفهوم الميمة جدير بالنظر والتأمل.
ردحذففكرة مثيرة أتى بها هذا الدوكنز، رغم تحفظي على سطحيته في كتابه الأخير "وهم الإله".
أشكرك يا أحمد على إشارتك لمفهوم "الميمة". لربما يكون الأمر كذلك. شكراً كذلك على إشارتك لكتاب ريتشارد داوكنز Richard Dowkins المعروف "الجينة الأنانية" The Selfish Gene. ربما الأمر كذلك من منظور ثقافي اجتماعي عام. ولكن ما زال الأمر مؤلماً بالنسبة لي أن أرى أفراداً حياتهم في يدهم ويقرروا (أو لا يقرروا) أن يكونوا نسخاً من آخرين، ضاربين عرض الحائط بفرديتهم وتاريخ حياتهم وتجربتهم!! سوف أعود الى كتاب داوكنز وفكرة الميمة مرة أخرى في مقال آخر.
ردحذفتعليق سريع: شرح داوكنز مفهوم "الميمة" في الفصل الحادي عشر من كتابه "الجينة الأنانية".
ردحذف