حتى لا تكون "قبيلة الكتّاب" ضد المجتمع ودولة المؤسسات
عبدالله الحرّاصي
نشر في ملحق "ن"، جريدة "الشبيبة" العمانية، الأثنين 7 ديسمبر 2009
من شنيع الأمور التي يقع فيها الكتّاب تحت إغراء الانفعال الجمعي وإغوائه تحويل أنفسهم إلى قبيلة يتكاتف أفرادها لما يعدّونه مصلحة تجمعهم، وكما قال الشاعر الجاهلي حول قبيلته غزيّة فإنك تجد معشر الكتّاب يغوون حين تغوى قبيلتهم ويرشدون حين ترشد، وإن غوى أحدهم يغوى البقية تحت تأثير الانتصار لفرد قبيلتهم الذي آثر الغواية. وليتها كانت غواية حقيقية!!
أعني بالمقدمة السابقة أن الكتابة بدلاَ من أن تكون شكلاً من أشكال توسعة الكون بالمختلف والمتمايز عمّا هو سائد من رؤى وأفكار ترسخها الأيام والتقاليد والمصالح في الأدب والفكر، بدلاً من هذا فإنك تجد دعوة لخلق مجموعة بشرية تمارس ذات الرؤى والأفكار التي ينبغي أن تتمايز عنها وتختلف، وهي "قبيلة الكتّاب". أرى بكلمات أخرى أنه لا ينبغي أن يوجد شيء اسمه "قبيلة الكتّاب" بحسب المنحنى الذي نراه يتصاعد في عمان، ويتجلى خصوصاً في بعض الأحداث الصغيرة التي لا ينبغي الالتفات الحقيقي إليها والتي لا تعبر عن تأزم اجتماعي يستدعي مواقف تنطلق من قيم حول حريّة الرأي والتعبير.
هنا أوضح أمراً مهماً وهو أن حديثي هنا لا يعني الدعوة إلى عدم اتخاذ الموقف، بل إن اتخاذ الموقف، الفردي والجمعي، في حينه الحقّ هو أمر واجب لا محيد عنه، ولكن الأمور ليس على الإطلاق الذي يتم استسهاله في كثير من الأحيان. هناك أمران ينبغي إيضاحهما هنا. أولهما أن الكتابة التي تجذب المواقف المساندة والمعاضدة هي تلك الكتابة التي تحمل موقفاً يشترك فيه الكاتب ومن يسانده ويعضده من الكتّاب أو غيرهم، وهنا فإن المعيّار ليس الاشتراك في فعل الكتابة من قبل الكاتب ومن يقف معه، وإنما الموقف الذي يشتركون فيه ويرون وجوب التضحية من أجله انطلاقاً من منظومة فكرية يعتنقونها. الأمر الثاني وليد الأمر الأول، ومفاده أن أفراد المجتمع، من يكتب منهم ومن لا يكتب، يختلفون في منظوماتهم الفكرية في رؤية الكون والحياة، وتبعاً لذلك فإنهم يختلفون في مواقفهم المتباينة، وهنا فإن المواقف التي يعبر عنها الكتّاب تجد ردود فعل مختلفة من القرّاء المختلفين، كلّ بحسب رؤيته وتقييمه، بمعنى أن الكاتب يجد من يسانده ويعضد فكرته، ويجد في الآن ذاته من يختلف معه ويرى الخلل فيما يكتب.
نأتي الآن إلى أمر يعلو على المواقف المتباينة المنطلقة من منظومات فكرية مختلفة لأتحدث عن مطلق حريّة الموقف والكلمة، وهذا حقّ إنساني. أستدعي هنا القول المأثور "أختلف معك ولكني سأموت دفاعاً عن حقك في قول ما تعتقد"، الذي يفيد بحق الفرد، كاتباً كان أم غيره، في التعبير عن رؤاه المختلفة في مجالات الثقافة والمجتمع والسياسة وخصوصاً نمط الحكم وأداءه وسواها من المجالات، وضرورة قبول حق حرية الفكر وحرية التعبير لأنه حقّ إنساني أولاً وللفائدة التي يجنيها الفرد والمجتمع من خلال الاختلاف في الفكر والاختلاف في التعبير. أستدعي هنا كذلك قولاً ينسب لمكسيم غوركي "جئت إلى هذا العالم لكي أختلف معه". الفكر الحقيقي والتعبير الحقيقي هما أمران يخالفان ما هو سائد بالضرورة.
ومخالفة السائد، فكراً وتعبيراً، حقّ للإنسان، وقد نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية". حقّ التفكير والتعبير هو إذاً حقّ لازم من حقوق الإنسان، ولكن، وهي "ولكن" كبيرة، علينا أن لا نخلط حقّ الرأي والتعبير بقضايا مختلفة تماماً عنها. بمعنى آخر أن حريّة الرأي والتعبير لا تعني أبداً أن كل ما يأتي مكتوباً هو أمر يعبّر بالضرورة عن حريّة الرأي والتعبير ويستلزم الدفاع عنه ومعاضدته. يستطيع الآن أن أي شخص أن يتعرض بالشتائم لشخص ما في شخصه وفي أسرته مثلاً، غير أن هذا ليس من قبيل حريّة الرأي والتعبير، وإنما هو تعرض لشخص أو لأسرة تم من خلال استخدام الكتابة. لا الكتابة مقدسة ولا الكتّاب مقدسون، والأمور ليست على إطلاقها.
لنأت إلى ما تشهده المحاكم العمانية بين فينة وأخرى (ويحدث هذا في كثير من مناطق العالم) من قضايا يثيرها بعض أفراد المجتمع يرون أنهم تضرروا بشكل من الأشكال جرّاء كتابة ما، وعلى الأخص حين يرى هؤلاء الأفراد أن كاتباً ما وصفهم، بالتحديد، بأوصاف سلبية في نص أدبي في الغالب، وقصصي في الأغلب. هنا علينا تمييز نقاط عديدة أهمها أن من حقّ الإنسان الذي يرى أنه تضرر بشكل يراه أن يذهب إلى المحكمة ليشتكي. هذا حق من حقوق الإنسان. يقول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق"، ويقول "لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"، ويضيف "لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون". هنا فإن الشخص المشتكي رأى بأن كرامته الشخصية قد انتهكت بما ورد في الكتابة التي يشتكي عليها.
هنا يأتي سؤال يتعلق بقضية تفسير النص الأدبي: ما الذي ينبغي أن يحدث في الأمور المختلف حولها؟ أي حين يرى شخص بأن كرامته الشخصية الفردية قد انتهكت في كتابة ما، فيما يرى الكاتب بأنه لم يقصد فلاناً بذاته وإنما قدّم للقرّاء شخصية أدبية متخيلة وليست موجودة حقيقة. أرى أن علينا أن نعود إلى الواقع هنا: الأمر يعتمد على الوعي الاجتماعي في المجتمع بأكمله، وبما أن قضايا من هذا القبيل تتكرر بين فترة وأخرى فإن هذا يعني بأن المجتمع ما يزال لا يميل للرؤية التي يعتقدها الكتاب، وما زال العديد من الناس يقرأون الأدب قراءة لا تنفصل عن ذواتهم ولا يعتبرونه خلقاً أدبياً وإنما نصاً يتقاطع مع واقعهم في دوائر يرونها موجودة وواقعية، خصوصاً حين يحمل النص الأدبي ما يرونه من دلائل تدلّ عليهم كوصف منطقتهم أو وصف أشخاصهم. كما أن قبول القضاء لهذه القضايا يصب في الدلالة على ذات الظاهرة، لأن القضاء جزء من المجتمع، وسبيل من سبل تنظيم المحافظة على حقوقه، ومنها حقوق الأشخاص الذي يرون بأنهم متضررون من الكتابة بشكل من الأشكال.
علينا في هذه الحالة أن ندافع عن حقّ المتضرر في الدفاع عن حقه الأصيل، أي الدفاع عن نفسه إزاء ما يراه انتهاكاً لكرامته، وكذلك عن حق الكاتب في الدفاع عن الرؤية التي يراها، غير أن ما ينبغي ألا نفعله هو أن نقف تلقائياً مع الكاتب لمجرد أنه كاتب، فالكتابة موقف وليست استقواءً على المجتمع. بكلمات أخرى علينا أن نترك الأمر للعمليات القضائية بمختلف أشكالها لتحل أمر هذه القضايا الفردية. لماذا؟ أولاً لأن هذه الحالات ليست من قضايا حريّة الرأي والتعبير، وإنما قضية اجتماعية بين فردين تصادف أن أحدهما كاتب. ثانياً أن السعي للتدخل في عمل القضاء هو ضد العملية التي ينبغي أن يدافع عنها الكتّاب، وهي قضية تعزيز دولة المؤسسات والقانون.
وبعيداً عن القضايا الفردية التي ينبغي أن تترك للمحاكم فإن من الواجب القيام بمزيد من النقاشات حول الظاهرة بعمومها وليس في حالاتها الفردية، أي عن الأمر الذي يجعل مثل هذه القضايا تتكرر، وعن أبعاد الكتابة الإبداعية والاجتماعية وعن القوانين المتعلقة بها، وأن تتم مثل هذه النقاشات وعملية التوعية بمسؤولية تحفظ حقوق الجميع، وعلى الكتّاب، في رؤيتي المتواضعة، أن لا يقدموا أنفسهم باعتبارهم قبيلة مقدسة تستطيع أن تتجنى على من تتجنى عليهم دون أن يقعوا تحت قوة القانون، وألا يتكتلوا ضد المجتمع ملوحين بسيف الكتابة الذي يحملونه. ومن الواجب كذلك توسيع دائرة التوعية والمناقشات للمجتمع بأكمله، ولمؤسسة القضاء باعتبارها مؤسسة اجتماعية ينبغي الحفاظ على حياديتها، بالمزيد من الوعي المسؤول حول الكتابة وحول التمايز بين عوالم الكتابة وعالم الواقع.
أتفق معك في بعض النقاط وأختلف في الكثير منها ذلك أن الكاتب غير مطالب بانتظار المجتمع لكي يميل لرؤيته وتقبل افكاره لأنه بكل بساطه خلق ليختلف معهم ولانختلف بأن القانون هو مسعا ينشده المثقف وغيره لتطبيق مواده لكن أن يساق الكاتب ضمن قطيع المجرمين واللصوص هنا يكمن مربط الفرس خاصة اذا كانت هناك أياد خفيفة تحرك عناصر اللعبة ضمن مبدا من هو ليس معنا فهو عدونا.
ردحذفوتوضيحا لماذا مثلا يعامل السجين السياسي ( بشيء من الانسانية ) ولا يعامل الكاتب بذلك وكلاهما في النهاية يساق للقضاء
ثمة اشكالية متأصلة في الفضاء الثقافي العماني و هي رغبة الكثير منهم في قولبة الفكر و المواقف ازاء تطورات المجتمع وظواهره و الهرولة نحو صخب بعض الشطحات هنا او هناك . انظر لحجم الشللية القبيحة التي تعصف بالمثقفين العمانيين و التوجهات الاقصائية و التهميشية و الالغائية لكل من يعارض او يختلف مع مسار معين . انظر للهجوم الذي يتعرض له سيف الرحبي مثلا او التلميحات المستفزة التي يطلع بها علينا محمد سيف الرحبي ضد من لا يعجبونه فكرا او مواقفا . اعجب كمتابع للمشهد الثقافي العماني عدم الالتفات الى اهمية التأسيس و التحقق الابداعي و المعرفي قبيل الاشتباك مع الاخر . صرت اشك ان بعض المثقفين العمانيين هم انفسهم جزء من المشكلة و اتفق مع الحراصي جزئيا في نقطة تعزيز مؤسسات المجتمع مثل المؤسسة القضائية كما ان تلويح المثقفين بالأيادي الخفية و تلك الاسقاطات التآمرية لم تعد مقنعة في ظل ما كتب و نشر على المدونات العمانية طالت رمز البلد الاول نفسه .
ردحذفشكرا جزيلا دكتور واتمنى ان يكون هذا الطرح المنطقي بداية للبعض ان يفيقوا مماهم فيه وان يدركوا انهم ليسو من كوكب مختلف فهم مجموعة في مجتمع كبير فاذا اخطاء احد افراد مجوعتهم يحاسب حاله حال افر1د المجتمع ولا داعي للتعصب والاجدر بهم ان يكونوا موضوعيين فالكلمة امانة.(رحم الله امرءا اهدى لي عيوبي)
ردحذفشكرا دكتور وربما اشاركك الرأي في ان التعصب التكتلي ليس طريقا لحل المعضلات ولكن بالمقابل ان المكابرة بأن مجتمعنا ملاكامنزها من الاخطاءوأن حكومته رشيدة دائما.
ردحذفوعلى المثقف والكاتب ان يصفق ويهتف حاله حال غيره .
وعندما يبحر عكس التيار فهو يصنف ضمن كوكب آخر بل هوالمشكلة بعينها.
استاذي العزيز
ردحذفمهم اين نقف ومع من!
باختصار سامنح نماذج واقعي من المسرح الجامعي لتجارب تغير الكلمات والاسماء حيث كنا نقدم مسرحية للكاتب المصري الفريد فرج بعنوان ( الزير سالم )وتتكلم عن الاسطوره المعروفه بنفس الاسم وقبل عرضها بايام بذات العنوان حضر اكاديميين لرؤيه العرض قبل تقديمه ففي نهايه العرض وجدت الملاحظة الرئيسه لهم بطلبهم تغيير العنوان لان كلمه ( زير ) ليست بطيبه في صرح جامعي ويحضر العرض طالبات فتم تغير العنوان الى ( وتنبت الزهور) امتثالا للجنه فهل العنوانيين بذات المستوى.
مسرحيه اخرى فيها شخصيه باسم الملك (اسعد) طلب تغير الاسم الى الملك ( ارعد ).
الذي قام بتغيير هذه المفردات افراد من المجتمع لهم مكانه علميه وفي صرح المفترض يكون أكبر مساحه لحرية الرأي وتقدير لقيمه الادب والثقافه....
فهل نقف مع الافراد الذين يتحسسون من الكلمة ويشككون في نيتها ومقصدها
ام مع الكاتب الذي لا يمكن باي حال من الاحوال ان يكتب عن الفضاء وانما الابداع هو ثمرة هذا المجتمع
هل دخول المحكمة للكلمة في قصه او روايه وليس صوره او رساله لها بعد اخر في التضيق
ولو ضيقنا الصوره هل مقالك استاذي الذي له بعدان يمكن ان يقدم للمحكمه من احد الطرفين المتحاكمين ككاتب او الاخر الفرد من المجتمع بحجه ان فيه تأثير على المحاكمة الجاريه ويصبح اسمك من ضمن اسماء المطلوب وقوفهم في المحكمه وتاجيل المحكمه وجلسه النطق بالحكم كما سنرى مع عصام الشيدي في الايام القادمه بعد رفع القضيه للادعاء العام بسبب مقاله حول المخالفه
نقف مع من! ونكتب عن من !ونقرأ لمن ! طالما الجميع سيدخل في التحقيق !!!
Salam,
ردحذفGood article except that it is published in AlShabeeba. This newspaper has its own agenda which I beleive sooner and later will conflict with our society's values and beliefs.
It is just my view.
Take care,
تساؤلات حمد الغيثي حول هذا المقال:
ردحذفلقراءة المكتوب هُنا أرجو من القاريء الاطلاع على مقال الدكتور الحراصي، و المقال المنشور في مدونة سالم آل توية.
1. أطروحة الحراصي: للكاتب الحرية لكن قبل ذلك المسؤولية تجاه ما يكتبه، وعلى الكاتب مراعاة المجتمع.
2. نتيجةً: على الكُتاب ألا يكونوا قبيلة مقدسة ضد النقد، أو الشكوى عليهم.
3. مدونة سالم آل توية: ذكريات الشاعر خميس قلم وهو رهن الاعتقال.
وتساؤلات:
الأول:
الحراصي يطلب من الكُتاب عدم التضامن الجمعي دائماً مع الكاتب المُتهم في محكمة (القضايا عادة ما تكون ذات خلفية اجتماعية ولا تتصل بحرية التعبير). أي أن التضامن يجب أن يكون حسب كل حالة وملابساتها. لكن إن تذكرنا أن جمعية الكتاب هي جسم هيكلي نقابي لجماعة الكُتاب، فسنتسائل:
هل يطلب الحراصي من هذه النقابة عدم التضامن "التنظيمي" مع عضوها المشتكى به؟
أم أنه يخاطب الكُتاب خطاباً جمعياً لكن على مستوى فردي؟
الثاني:
من يشتكي على الكاتب، المجتمع أم أجهزة الدولة؟ هناك حالات كان الكاتب المُتَهَم موضع تساؤل أو اتهام من قبل المجتمع (بدرية الوهيبي، الشكيلي)، وهناك حالات أخرى كانت أجهزة الدولة هي المُتهِم (خميس قلم، الزبيدي، الزويدي). وإن راجعنا خطاب الحراصي للكتاب والمثقفين، فنسأل مرة أخرى هل ينطبق على الحالات التي يكون فيها المشتكي الدولة أم المجتمع؟
الثالث:
حينما يتهم أحدهم (أفراد المجتمع أو أجهزة الحكومة) الكاتب، فما هي الطريقة التي تتعامل بها الأجهزة التنفيذية مع الكاتب؟
مدونة سالم آل توية تنشر مقالاً للشاعر خميس قلم ذكر به تفاصيل اعتقاله، وقضاءه أياماً في دوائر الشرطة. عُومل الكاتب كمجرم، أي أن المعاملة التي تلقاها لم تختلف عما يتلقاه المرتشي، والسارق، وربما القاتل.
هناك الآن مدخلين قد يتم التضامن من خلالهما مع الكاتب المُتهم:
1. مع حقه في التمسك بما كتبه، وأنه لم يسيء في ذلك.
2. ضد الأسلوب التي عاملته بها الأجهزة التنفيذية أثناء التحقيق، أو حتى المحاكمة.
التساؤل: هل ينطبق خطاب الحراصي للمثقفين على الطريقة التي تعامل فيها أجهزة السلطة المثقف؟
حسب فهمي في المقصود بقبيلة الكاتب هي جمعية الكُتاب، واستغرب كيف أستاذ جامعي يصف الجمعية أو مجموعة الكتاب بأنهم قبيلة وما هدفه من ذلك!
ردحذفعموما في كل المجتمعات المتحضره يجب أن تقف الجمعيات إلى صف منتسبيها،ولربما الفهم القريب للحراصي لهذا المبدأ هو القبيلة ومن هنا جاءت التسمية،ولكن ليست هذه هي القضية القضية أكبر بكثير أيها الحراصي:
"القضية أن هناك حق أريد به باطل"
ربما بل و لا شك أن مالك بن سليمان المعمري يريد الحق ليحقه في مؤسسته،ولكنه سرعان ما يتحول ذلك لباطل في المصلحة العمومية
يعني عدم وقوف الجمعية مع حق الكاتب في الحديث عن مظاهر الفسادوحماية مصادره دون التشهير بشحص معين يعني محاربة لظاهرة الفساد ذاتها كنا نرجو من مالك بن سليمان أن يشكل فريق نزيه من الشرفاء في جهازه ويعمم البلاغات ويذيعها حول تغليظ العقوبة دون أن يحيل أحد للقضاء فالأمر سيزيد من الخناق على حرية التعبير في الوطن وهي أهم من إنشاء جامعة في الوقت الحالي لأن لولاه لما سمح أصلا بالمطالبه بالجامعة.
ثانيا:- بصراحة إنشاء جامعة حكومية هي فقاعة صابون أطلقها بعضهم للأفق البعيد وكان الأجدر قبل ذلك أن يكون الطرح
*هو ضرورة زيادة المقاعد بالجامعة،وعدم ربطها بالتوظيف حتى لا نجد أنفسها في يوم من الأيام نغلق الجامعة نفسها لاكتفاء سوق العمل.
*ثم كان الأجدر منا مناقشة سبل الارتقاء بالتعليم وكفاءه المحرجات وجعل هذه المخرجات تنافس عالميا.
لأن الطرح يجب أن لا يكون شطح وفرقعه
ونحن لم نصل لمليونين ولدينا جامعة حكومية وعشرات خاصة...
العزيز آخر "غير معرف"
ردحذفلقد قمت بكتابة بعض التوضيحات حول تعليقك وستجدها في الرابط التالي:
http://harrasi.blogspot.com/2009/12/blog-post_15.html
1. مقالي "حتى لا تكون "قبيلة الكتّاب" ضد المجتمع ودولة المؤسسات" لا علاقة له بقضية الأستاذ الصحفي العزيز عاصم الشيدي وما أثاره مقاله ورد فعل جهاز شرطة عمان السلطانية على لسان المفتش العام للشرطة والجمارك. نشر مقالي في ملحق نون بجريدة الشبيبة يوم الاثنين 7 ديسمبر 2009 وهو نفس يوم نشر مقال العزيز عاصم الشيدي في جريدة عمان حول الشرطة. كما ان رد فعل جهاز الشرطة نشر في جريدة الشبيبة يوم الأربعاء 9 ديسمبر 2009.
ردحذف2. لا أدري ما علاقة مقالي هذا بقضية الدعوة لجامعات حكومية جديدة. أنا كتبت مقالاً أدعو فيه لجامعات حكومية جديدة، وما تزال قناعتي هي ضرورة فتح مزيد من الجامعات ومراكز البحوث مع الالتزام بالجودة والمعايير العالية المتعارف عليها عالمياً. وقد كتب عدد من الكتاب العمانيين في نفس المنحى. لا أرى أن هذه الدعوة هي "شطح وفرقعة" وليست "فقاعة صابون أطلقها بعضهم للأفق البعيد" بحسب وصفك. إن كنت ترى الأمر بهذه الرؤية فهذا شأنك بطبيعة الحال، بل أنه حق من حقوقك، ويعكس رؤيتك للمجتمع ومستقبله.
3. الدعوة لجامعات حكومية لا تلغي الدعوة الصحيحة التي قدمتها انت في نقطتين هما "ضرورة زيادة المقاعد بالجامعة،وعدم ربطها بالتوظيف حتى لا نجد أنفسها في يوم من الأيام نغلق الجامعة نفسها لاكتفاء سوق العمل" و"مناقشة سبل الارتقاء بالتعليم وكفاءه المحرجات وجعل هذه المخرجات تنافس عالميا". أنا أتفق معك في كل حرف من هذا، باستثناء حرف الحاء في "المحرجات" حيث تنقصه نقطة ليكون صحيحاً ("المخرجات").
4. تقول أنك فهمت أن المقصود بمفهوم "قبيلة الكتاب" هي جمعية الكتاب، وحيث أنني أنا الكاتب فمن واجبي أن أقول لك أن ما فهمته أنت لا يعكس ما قصدته أنا في مقالي. كلمة "قبيلة" هنا هي استعارة، وفي وضع "القبيلة" الواقعي يقوم أفراد القبيلة بمساندة بعضهم بعضاً في الحق والباطل (غالباً) تحت رؤية أن الفرد هو تمثيل للقبيلة، وما يصيبه يصيب القبيلة بأكملها. كان رأيي، وما زال، هو أنه لا ينبغي للكتاب العمانيين أن يتكتلوا وكأنهم قبيلة في كل الحالات التي يكون كاتب ما طرفاً فيها بصفته فرداً في المجتمع وليس بصفته كاتباً. وما أقصده تحديداً كان هو الحالات التي يشكو فيها فرد في المجتمع كاتباً لأنه يرى أن كتابة ذلك الكاتب قد أهانت كرامته. هنا أرى أن من حق ذلك الفرد أن يشكو الكاتب ومن حق الكاتب توضيح موقفه، وهناك عمليات قضائية يمكن أن تمرّ بها القضية، ولأننا نساند وجود المؤسسات في المجتمع فمن واجبنا احترام القضاء وحياده. كما أرى أن مثل هذه القضايا، كما قلت في المقال، ليست قضايا حرية رأي أو تعبير على الإطلاق بل قضايا بين فردين، أحدهما، أي المشتكي، يرى أن الآخر، أي الكاتب، قد أهان كرامته من خلال أداة الكتابة.
5. أنت تقول "واستغرب كيف أستاذ جامعي يصف الجمعية أو مجموعة الكتاب بأنهم قبيلة وما هدفه من ذلك!" والحقيقة أنني لا أفهم ما هو الشيء الذي يمنع الاستاذ الجامعي أن يصف الكتاب بالقبيلة. وأنا أنصحك أن لا تستغرب أبداً (وأسأل مجرّب) فقد فعلتها أنا ولم يهتز عرش الرحمن أبداً: أنا أستاذ جامعي ووصفت الحالة التي أشرت اليها في النقطة السابقة بأنها حالة "قبيلة الكتاب" (وكما ذكرت أعلاه فأنا لا أقصد الجمعية). أما هدفي من ذلك فقد كان هدفاً توضيحياً كما أشرت أعلاه. ولا يوجد سبب آخر بحسب وعيي برؤيتي للأمور وبكتابتي.
6. تعليقك يكشف فيما أرى عن ظاهرة "قبيلة الكتّاب" في الثقافة العمانية حيث أنك، مثل الفرد في القبيلة، تسرعت في فهمك لمقالي، ووقعت في خلط للأمور، فظننت أن مقالي يشير الى قضية الأستاذ العزيز عاصم الشيدي رغم أن مقالي نشر قبل هذه القضية، كما أن هناك مظهراً آخر وهو أن المخالف لرأي القبيلة يكون كل ما يأتي به خطأ ومرفوض، وهو ما تكشف عنه رؤيتك لمقالي عن الجامعات الحكومية. ومظهر ثالث هو توهم الأمور على غير حقيقتها كافتراضك أن هناك هدفاً خفياً من مقالي عن "قبيلة الكتاب" والآخر عن الجامعات الحكومية.
عند غياب المساحة الحرة للكاتب فانه يلجأ الى ما لا يحمد عقباه، سوا كان ذلك بالانظمام الى فئات معينة تدفع بكل قوة عن افكاره أو الى التطبيل والنفاق خوفا من المسائلة، ينبغي على الكاتب ان يراعي اخلاقيات الكلمة والوظيفة، لا الى هذا ولا الى ذاك.
ردحذفشكر معالي الدكتور على الطرح الجميل.
محمد الفارسي