الدال والمدلول في التعليم العالي
عاصم الشيدي
(نشر في جريدة "عمان" يوم الاثنين 7 سبتمبر 2009)
يتساءل الكثيرون حول أهمية أن يكون لنا في السلطنة عدد أكبر من الجامعات والكليات الجامعية التي تفتح آفاقا أكبر للتعليم العالي، وبالتالي للمستقبل.
والتساؤل يأتي من خلفية أن المستقبل لن يفتح ذراعيه إلا بالعلم ثم بالعلم ثم بالعلم. وكانت الحضارة العمانية التي نعيش في ظلالها بدأت بذورها الأولى بالعلم حتى وإن بدأ من تحت ظلال الشجر، ولا تخلو العبارة السابقة مهما تعاقبت عليها السنون من دلالات تتفجر مع كل تقدم، فثمة علاقة لا تخفى بين العلم والشجر وبينهما معا والظلال الوارفة.
كان الخطاب الذي تبناه المثقفون في السلطنة على مر السنوات الماضية ينطلق من مبدأ أن الجهات المعنية يجب أن تعطي رخص إنشاء جامعات وكليات خاصة في السلطنة من شأنها أن تفتح أفق التعليم العالي في السلطنة على مصراعيه و تبقي الكثير من الملايين التي تخرج إلى الخارج بدعوى الدراسة الجامعية في السلطنة، ورغم الزمن الذي قطع حتى رأينا الأمنية تتحقق على أرض الواقع إلا أن الأمر تحقق ، ويستطيع الحاسب أن يعد العشرات من الجامعات والكليات الخاصة في مختلف مناطق السلطنة.وأخذت الكليات الخاصة مكانها وقدمت الدولة لها دعما سخيا لا تحلم به أي جامعة خاصة في العالم .. لكن ماذا بعد ذلك ؟ هل انتهى الأمر . مضت سنوات على المشروع/ الحلم وما زالت مخرجات الجامعات غير العمانية هي من تتبوأ الأعمال فيما بقيت مخرجات جامعاتنا العمانية تأتي في صف تال في الغالب الأعم.
والسبب بات واضحا بجلاء ؛فالتعليم العالي في بلادنا مازال يحتاج الكثير حتى يتغلب على نفسه ويخرج من إطاره التقليدي إلى إطار أكبر مساحة للعطاء والصقل العلمي. لا نشك كثيرا في الدور الذي تقوم به الجهات المعنية في متابعة الجامعات الخاصة وما تقدمه لطلابها من مناهج، لكن دائما ما نطمح فيما هو أكثر ، الكثير من الكليات غير الجامعية والمعاهد سارعت إلى ترقية نفسها إلى جامعات أو كليات جامعية ومن بين أسبابها السبب الربحي ولا غرو في ذلك إذا ما حدث توازن بين الجانب المادي وجانب الرسالة العلمية والثقافية التي تحملها أو تتبناها هذه الجامعات.
ورغم أني لا أتبنى أطروحة أن الشهادة هي كل شيء، في ظل أن الشهادة لا تساوي بالضرورة علما لكن الجامعات قبل أن تمنح شهادة ورقية مهمتها أن تنتج علما ثم علماء، لكن هذا لا يتحقق واقعا، ولو في أدنى مستوياته المقبولة. عندما يتنافس خريج من جامعاتنا وخريج من جامعة أخرى على وظيفة ، غالبا ما تكون الكفة لصالح خريج غير جامعاتنا ، رغم أن الاثنين خرجا من نفس البيئة ودرس في نفس المدارس في السلطنة وربما في الفصل الدراسي نفسه.
والمعادلة السابقة تعيد رسم نفسها بمبدأ نريد جامعات عدة وكليات عالية لكن في المقابل نريد مستوى تعليمي أكبر وأرقى من هذا بكثير من المراحل.
نطمح أن تفعل الجهات المعنية بمتابعة مستوى التعليم العالي في السلطنة جهودها للوصول بالتعليم العالي لمرحلة يتناسق فيها الاسم مع المسمى والدال مع المدلول، وهي غاية يطمح إليها الوطن لأن التعليم هو سبيل رقي الأمم والشعوب وسبيل خروجها من جل المصاعب التي قد تعيدها فكريا وسلوكيا إلى مراحل متأخرة من سلم الرقي البشري.
عاصم الشيدي
(نشر في جريدة "عمان" يوم الاثنين 7 سبتمبر 2009)
يتساءل الكثيرون حول أهمية أن يكون لنا في السلطنة عدد أكبر من الجامعات والكليات الجامعية التي تفتح آفاقا أكبر للتعليم العالي، وبالتالي للمستقبل.
والتساؤل يأتي من خلفية أن المستقبل لن يفتح ذراعيه إلا بالعلم ثم بالعلم ثم بالعلم. وكانت الحضارة العمانية التي نعيش في ظلالها بدأت بذورها الأولى بالعلم حتى وإن بدأ من تحت ظلال الشجر، ولا تخلو العبارة السابقة مهما تعاقبت عليها السنون من دلالات تتفجر مع كل تقدم، فثمة علاقة لا تخفى بين العلم والشجر وبينهما معا والظلال الوارفة.
كان الخطاب الذي تبناه المثقفون في السلطنة على مر السنوات الماضية ينطلق من مبدأ أن الجهات المعنية يجب أن تعطي رخص إنشاء جامعات وكليات خاصة في السلطنة من شأنها أن تفتح أفق التعليم العالي في السلطنة على مصراعيه و تبقي الكثير من الملايين التي تخرج إلى الخارج بدعوى الدراسة الجامعية في السلطنة، ورغم الزمن الذي قطع حتى رأينا الأمنية تتحقق على أرض الواقع إلا أن الأمر تحقق ، ويستطيع الحاسب أن يعد العشرات من الجامعات والكليات الخاصة في مختلف مناطق السلطنة.وأخذت الكليات الخاصة مكانها وقدمت الدولة لها دعما سخيا لا تحلم به أي جامعة خاصة في العالم .. لكن ماذا بعد ذلك ؟ هل انتهى الأمر . مضت سنوات على المشروع/ الحلم وما زالت مخرجات الجامعات غير العمانية هي من تتبوأ الأعمال فيما بقيت مخرجات جامعاتنا العمانية تأتي في صف تال في الغالب الأعم.
والسبب بات واضحا بجلاء ؛فالتعليم العالي في بلادنا مازال يحتاج الكثير حتى يتغلب على نفسه ويخرج من إطاره التقليدي إلى إطار أكبر مساحة للعطاء والصقل العلمي. لا نشك كثيرا في الدور الذي تقوم به الجهات المعنية في متابعة الجامعات الخاصة وما تقدمه لطلابها من مناهج، لكن دائما ما نطمح فيما هو أكثر ، الكثير من الكليات غير الجامعية والمعاهد سارعت إلى ترقية نفسها إلى جامعات أو كليات جامعية ومن بين أسبابها السبب الربحي ولا غرو في ذلك إذا ما حدث توازن بين الجانب المادي وجانب الرسالة العلمية والثقافية التي تحملها أو تتبناها هذه الجامعات.
ورغم أني لا أتبنى أطروحة أن الشهادة هي كل شيء، في ظل أن الشهادة لا تساوي بالضرورة علما لكن الجامعات قبل أن تمنح شهادة ورقية مهمتها أن تنتج علما ثم علماء، لكن هذا لا يتحقق واقعا، ولو في أدنى مستوياته المقبولة. عندما يتنافس خريج من جامعاتنا وخريج من جامعة أخرى على وظيفة ، غالبا ما تكون الكفة لصالح خريج غير جامعاتنا ، رغم أن الاثنين خرجا من نفس البيئة ودرس في نفس المدارس في السلطنة وربما في الفصل الدراسي نفسه.
والمعادلة السابقة تعيد رسم نفسها بمبدأ نريد جامعات عدة وكليات عالية لكن في المقابل نريد مستوى تعليمي أكبر وأرقى من هذا بكثير من المراحل.
نطمح أن تفعل الجهات المعنية بمتابعة مستوى التعليم العالي في السلطنة جهودها للوصول بالتعليم العالي لمرحلة يتناسق فيها الاسم مع المسمى والدال مع المدلول، وهي غاية يطمح إليها الوطن لأن التعليم هو سبيل رقي الأمم والشعوب وسبيل خروجها من جل المصاعب التي قد تعيدها فكريا وسلوكيا إلى مراحل متأخرة من سلم الرقي البشري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق