السبت، 10 أكتوبر 2009

أنفلونزا السياسة





رعب أنفلونزا الخنازير أصاب كل إنسان، وتعددت طرائق تجنبه من كمامات واقية، ومعقمات، وتجنب للمصافحة والعناق والتقبيل. ولكن ماذا يحدث إن أصيبت السياسة بأنفلونزا خنازير خاص بها؟

المجازات المستمدة من الجسد وأحواله وأمراضه من أهم المجازات المستخدمة في النقاشات السياسية وأوسعها انتشاراً، فمن منا لم يسمع بـ"رأس الدولة" أو "يد القانون" أو"معالجة المشكلات السياسية" وغيرها من التعابير التي توحي بأن عقل الإنسان يتعامل مع القضايا السياسية من خلال معرفته بالجسد وأعضاءه وتفاعلاته؟

في كل الأمثلة التي أطلعت عليها كانت أنفلونزا السياسة أخطر تأثيراً من أنفلونزا الخنازير، فهذا كاتب يقول في مقال بإحدى الجرائد العربية "ولعل هذا الخطر الدهم الذى يسمى بانفلونزا السياسة قد اثر على طبيعة العلاقات الطيبة بين الناس وخلق أوبئة جديدة على مجتمعنا الهادىء حيث يحلم حاليا المئات بل الالاف بالدخول الى عالم السياسة ، واعتقد ان اهم اعراض انفلونزا السياسة الحالية هى اصابة الانسان بالريبة والشك من كل المحيطين وانتشار الالفاظ الغريبة والشتائم من خلال قاموس ملوث من الكلمات وعدم احترام الصغار والكبار" ويضيف بأن "انها انفلونزا السياسة والمصابون بها الالاف بل مئات الالاف وخطورتها عدم وجود أمصال او ادوية او تطعيمات للتحصين من خطرها عكس انفلونزا الخنازير او الطيور يتم علاجها والممكن شفاء مصاب بها .. بالاضافة الى اتباع العادات الصحية السليمة وكثرة غسل اليدين وتجنب الاكثارمن السكريات او الاغذية المصنعة لانها تضعف الجهاز المناعى مع ممارسة التمارين الرياضية وتناول الثوم بنتظام يوميا اما المصابون بانفلونزا السياسه فلا امل فى شفائهم وكل ما نملك هو ان ندعو لهم بالهداية .. وربنا يسترها".

وحول نفس الفكرة تقول افتتاحية إحدى الجرائد "وبالرغم من ضرورة الاهتمام بسلامة العالم ومنع انتشار انفلونزا الخنازير فإن انفلونزا السياسة ستبقى اخطر واكثر كارثية على البشر."

ويرى أحد الكتاب أن الجسد السياسي العربي قد اكتسب مناعة تجاه الفيروس فلم تعد تملك القدرة على مهاجمته "تتواتر في منطقتنا العربية، بل في ذهنيتنا العربية فيروسات تصعد للقمة بين ليلة وضحاها ، وتتلاشي بهدوء دون أن نعرف ونعلم كيف؟ وأين؟ ومتى؟ ولكن الأغرب في كل هذه المعادلة والحالة، أن أنفلونزا الانتصار لا تشق طريقها لهذه المنطقة، بل أصبح فايروس أنفلونزا الانهزام، والخضوع، مرض مزمن لا علاج له، كلما حاولنا أن نتعافى منه زاد مهاجمة للجسد العربي- الإسلامي المتهاوي الواهن، المحتضر، فمن هزيمة فلسطين التاريخية وضياعها، إلى هزيمة العراق وضياعه، إلى تلاشي الحلم الوحدوي العربي." وبحسم يقول " إن كانت انفلونزا الخنازير هي الخطر القادم على النفس البشرية في منطقتنا العربية، فإني على ثقة أن هذا الفايروس لن يستطيع الفتك بهذه الكتلة البشرية المتقوقعة في جدار حانتها الذي اكتسبته عبر نصف قرن وأكثر من فايروسات الهزيمة والخضوع والاستسلام."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق