السبت، 10 أكتوبر 2009

شرط انتشار الشرّ



ما يلي هو مطلع مقال لم أكمله حتى الآن: ربما ستفتح رؤى القراء أبواباً لإكماله



قبل مدّة بعث لي أحد الأصدقاء رسالة هاتفية هي عبارة لإدموند بيرك "الأمر الضروري الوحيد لانتصار الشرّ هو قبوع الرجال الصالحين مكتوفي الأيدي" فسألته "بماذا تنصح؟" فكان ردّه "فعالية أكبر للرجال الصالحين". أثارت فيّ هذه الرسالة بعض التأملات التي أتحدث عنها هنا في هذا المقال.

لنبدأ بالأمور التي تفترضها هذه العبارة وأولها طبيعة القائل والقول نفسه، فالقائل (أي إدموند بيرك) يبدو في مقام الحكيم الذي خبر الحياة ولديه تصور واضح غير ملتبس عن أوضاع التأزمات حيث يمكن أن ينتصر "الشرّ" بسبب انحسار تأثير "الرجال الصالحين"، كما أن لديه تقسيم واضح للمجتمع بين عامّة لا يهتمون إلا بشؤونهم الخاصة، ويتعاملون مع ما هم فيه من طيبة عيش أو مشقته في حالاتهم الفردية دون السعي لتغيير عمومي الطابع، وآخرين يمثلون الشر ويستغلون هذا المجتمع ويضرونه بما يفعلون، ورجال صالحين، أي أن المجتمع بين إنسان صالح وإنسان طالح وإنسان غير مكترث ما دام الضرر لم يحيق به بطريقة مباشرة. إضافة إلى هذا الافتراض فان نقل صديقي للعبارة وإرسالها إلى مَن أرسلها إليهم يفترض أيضاً أن هذا الصديق هو أيضاً يقوم بفعل يوازي ما فعله بيرك بذلك القول، أي أن هذا الصديق يعدّ نفسه من "الصالحين"، ويفترض كذلك أن "الرجال الصالحين"، في الوضع الذي تتحدث عنه العبارة، مكتوفو الأيدي، وأن بإمكانهم ألا يقفوا مكتوفي الأيدي لأن هذا القبول يضر المجتمع.

عبارة بيرك تؤكد بأن صمت الناس الصالحين سبب أساسي في انتصار الشر، ورغم أنهم ليسوا جزءاً من دائرة الشرّ إلا أن صمتهم يعدّ مساهمة لا تقدر بثمن ليتوج الشرّ نفسه منتصراً على الخير.

هناك تعليق واحد:

  1. تذكير رائع سيدي، ليتنا فعلا نُدرك تلك الحقائق،
    لأن الغفلة عن مثل تلك الأمور او تركها ، هي سبب لإنتشار الشر فعلا،
    ربما أذكر الآن حادثتين :
    الاولى: حادثة بني إسرائيل، حين عصوا وإصطادوا في السبت، فحين نصحتهم الفئة الصالحة، قالت لهم الفئة المتخاذلة:لما تعضون قوما الله معذبهم " فردوا عليهم: معذرة إلى ربكم ولعلهم يهتدون "
    إذذن فالئة الصالحة لم تقف مكتوفة الأيدي حين رايت من يُفسد بحجة ان حسابهم عند الله، ولكنها فعلت ما عليها ، كي يكون لها عذر عند ربها يوم القيامة.

    الحادثة الثانية: حين وجد عمر بن الخطاب مجموعة يشربون الخمرة، فامر بجلهم جميعا، فقال أحدهم : أنا لم أشرب كنتُ بصحبتهم فقط، قال عُمر : به إبدؤا أو إبدؤا به.

    لماذا؟ لانه علم أن ما يفعله أصحابه خطأ ولكنه لم ينصحهم ولم يقومم من مجلسهم حتى، إذن هو أيدهم وشجعهم بوجوده ينهم.

    شكرا عبدالله الحراصي، مقالة أعجبتني جدا الفكرة فيها والعظة منها .

    ردحذف