كما أن التعامل مع الناس الذين يستخدمون المنهج المنطقي في التفكير سيجعلك تحترمهم وتشعر بالأمن معهم، لمعرفتك بأنهم يتبعون سبيل المنطق في وصولهم إلى أحكامهم على الأمور واستنتاجاتهم الخاصة حول مختلف القضايا.
والتفكير المنطقي يجعلك تفهم الآخرين، حتى أولئك الذين لا يفكرون بطريقة منطقية. كيف؟ لنفترض شخصاً يقول "أنا متأكد من أن كل زواج من أجنبية سوف ينتهي بالطلاق". إن إيضاح أن هذا القول غير منطقي ولا يقوم على قاعدة منطقية ليس أمراً عسيراً، غير أن هذا القول غير المنطقي له منطقه مع ذلك، أي أنك يمكن أن تقبله على أساس أنه غير منطقي لأنه لم يقم على قاعدة منطقية.
- كل قول غير منطقي لم يقم على قاعدة منطقية
- زيد أتى بقول غير منطقي
- زيد أتى بقول لم يقم على قاعدة منطقية.
أنك في هذه الحالة قادر على فهم الشخص الذي أمامك، بل ربما تفهمه كما لا يفهم هو نفسه.
كما أن التفكير المنطقي يمكنك من أن تقنع المختلفين معك الذين لا يسلكون مسلك التفكير المنطقي (يحدث هذا فقط حين تسلك أنت التفكير المنطقي). ولكن مثل هذا الاقناع يتم بالتدريج وقليلاً قليلاً. مثلاً: تبدأ بسؤال صديقنا المتيقن من فشل كل الزيجات من أجنبيات عن الأساس الذي جعله يصل إلى هذا الاستنتاج. سيخبرك أنه سمع عن أكثر من حالة. يمكنك حينها أن تقول له "ولكنك أكيد لم تسمع عن كل حالات الزواج من أجنبيات في العالم"، ومن الأكيد أنه لن يدعي بأنه سمع عن كل الحالات، عندها يمكنك أن تشرح له بأن هذا يوصل إلى نتيجة واحدة وهي أن كل الحالات التي سمع عنها فقط كانت فاشلة ولكن ليس كل الحالات، ولا ريب أنه سيوافقك. يمكنك عندها أن تضرب له أمثلة على حالات نجحت فيها هذه الزيجات (ومعنى كلمة "نجحت" هنا بقاء الزواج وعدم انتهاءه بالطلاق). هنا لن يملك إلا الإقرار بأن ما تقوله صحيح. أنه يبدأ في إلغاء التعميم الذي كان في قوله الأول. ثم يمكن التحدث عن غياب الاحصائيات، وعن بقية الأمور، وهكذا إلى أن تنقض حجته (مع افتراض صدق حجتك أنت بطبيعة الحال). الخلاصة هي أن التفكير المنطقي سوف يمكنك من أن تقنع ذلك الشخص بأن ما قاله يعوزه الدليل والبرهان.
كما أن التفكير المنطقي يضمن لك تتبع الحقائق والأدلة التي أدت إلى تعتقد إعتقاداً ما أو تسلك سلوكاً ما، وبتتبعها يمكنك الدفاع عن ذلك الموقف، وبدونها ستجد أنك عاري السلاح خصوصاً حينما يكون الطرف الذي أمامك طرفٌ أقوى منك لا يمكن أن تقنعه إلا بالحقائق والأدلة. لنقل مثلاً بأنك مدرسٌ في مدرسة خاصة، وجاءك مدير المدرسة غاضباً ويقول بأنك قمت بترسيب عدد من الطلبة وهو لا يريد طلبة يرسبون لأن رسوب الطلبة لن يشجع أولياء الأمور على أن يأتوا بطلبتهم إلى المدرسة. لنفترض أنك رسّبت الطلبة لأنهم فوضويون ودائماً ما يثيرون غيضك وأن رسوبهم لم يكن لأسباب تتعلق بأداءهم التعليمي الصرف في المادة التي تدرسها، هنا ستجد نفسك بلا وسيلة للدفاع عن نفسك. إما كنت قد توصلت إلى نتيجة رسوبهم لأسباب تتعلق بأداءهم الفعلي في الامتحانات وفي أعمالهم الدراسية فانه يمكنك شرح موقفك إستناداً على ذلك الأداء، وهو ما يعتمد على النظام التعليمي العام الذي يدعو إلى تقييم الطلبة بناءً على أداءهم الدراسي، كما أنه يعتمد على ما تعلنه المدرسة نفسها من أنها مدرسة الأداء الجيّد. أضف إلى ذلك فانه يمكنك بناءً على التزام التفكير والسلوك المنطقيين القول بأن رسوب بعض الطلبة (نتيجة لأداءهم) سوف يؤدي إلى نتيجة إيجابية تتمثل في أن مزيداً من أولياء الأمور سوف يحترمون المدرسة وسوف يأتون بالمزيد من أبناءهم إليها لالتزامها بالمعايير التعليمية الرفيعة.
أهلا دكتور .. غاب عنِّي فقط مفهوم [القوة] .. أنت تفترضُ الآن أيضا الحكمة والوعي في الدفاع عن النفس مثلا [باستخدام التفكير المنطقي] ..
ردحذفيعني مثلا ماذا لو يستدعي ضابطٌ فردا عسكرياً ويصرخ في وجهه: لماذا لم تقم بتنظيف سيارتي. أنا ضابط وأنت فرد وعليك ألا [تكسر] أمراً مُباشرا وإلا عاقبتك بالركض عشرات الكيلومترات.
قد يرد الفرد العسكري: لأنني أعمل للدولة ولست خادماً لك ..
هذا ردٌّ منطقي ولكن ماذا لو قام الضابط بالبصق على وجهه ..
فكرتي .. كيف يمكن الاستكانة إلى أن التفكير المنطقي سوف يكون وسيلة [دفاع] ناجعة، أما إنسانٍ يحملُ سكيناً، ربما إن حاصرته بهذه الأسئلة التي تقترب من [فجواتِه المفهومية] فسوف يؤدي ذلك إلى توحشه وربما يستخدم السكين ..
أتمنى أن يكون المثال واضحاً كما أتمنى أن تكون الفكرة التي أقصدها واضحة ..
ما فائد التفكير المنطقي أما [قبضاي] الحارة الذي يسرقُ الإفطار من الأطفال؟؟؟