الجمعة، 18 ديسمبر 2009

تعليق "نافع مرحبا" على مقالي حول "قبيلة الكتاب"



أنقل للقراء هذا التعليق على مقالي حول ما أسميته "قبيلة الكتاب" كتبه في منتدى الحارة "نافع مرحبا". هذا التعليق يحمل رؤية عميقة تختلف عن الرؤية التي طرحتها في مقالي، فـ "نافع مرحبا" يرى أن ظاهرة "قبيلة الكتّاب" ضرورية للتفاعل مع المجتمع ومع سلطاته المختلفة التي تنطلق من القبيلة وتمارس آليات القبيلة. أي أن لا شيء يقارع القبيلة إلا القبيلة.

بمثل كتابة "نافع مرحبا" يمكن لنا في عمان أن نشكل نقاشاً جديّاً حول قضايانا المختلفة. وهذا ما نفتقده.

أشكر "نافع مرحبا" على طرحه وعلى كشفه لي جوانب لم تكن حاضرة في مقالي.

أريد أن أولا أن أسأل الدكتور الحراصي عن رأيه في منع أبي زيد وأقصد نصر حامد من دخول الكويت وهو منع جاء بطلب من السلطة التشريعية أو من بعض أعضائها النافذين والمنتخبين في المجتمع الكويتي؟ إنها سلطة مثلها مثل السلطة القضائية التي يدعو الحراصي إلى احترامها بل ويرى أن على الكاتب العماني أن يقف معها تعضيدا ! السلطة التشريعية الكويتية - هي على الأقل- تستمد سلطتها ومشروعيتها من الناس الذين انتخبوها. لكن السلطة القضائية في عمان بلادنا جميعا وكما يعرف الدكتور العزيز ليست بريئة بذات القدر الذي يدفع الانسان العادي فضلا عن المثقف إلى اعتبارها سلطة مستقلة وعضد حر في جسد الدولة الديمقراطية. يعرف الدكتور العزيز بحكم علاقاته ومعارفه أن السلطة القضائية في بلادنا متداخل أمرها بصورة مريبة جدا - وهذا وصف محايد جدا لما يمكن أن توصف به- مع الحكومة. فوزير العدل هو من يعين ومن يقيل ومن ترجع اليه الكلمة الأولى والأخيرة في أمر السلطة هذه. هذه حقيقة ويمكن للدكتور وغيره من يشاء التأكد منها أن يفعل.

إذن كيف والأمر كذلك أن يطالب الدكتور المثقف بمراعاة مكانة وقيمة وأهمية بل بدعم السلطة القضائية؟ ثانيا: وعلى افتراض أن السلطة القضائية التي تصل اليها الدعاوى المرفوعة ضد الكتاب هي مستقلة. ماذا عن استقلالية الإدعاء العام الذي يقف مع المدعي ضد المدعى عليه وهو هنا الكاتب؟ ثم منذ متى كان الكاتب العماني قادرا - في بلادنا- على التعبير وعلى الكتابة؟ إنك تتحدث عن الكاتب المختلف وعن ضرورة أن يكون للكاتب رأي مختلف وأن لا يصبح قبيلة تأخذه العزة بالإثم كما فعلت غزية! وسؤالي هو منذ متى سمح (بضم السين) أو يسمح
(بضم الياء) أو يمكن أن يسمح للكاتب بأن يكون مختلفا في عمان؟ عن أية كتابة مغايرة أو شقية أو مختلفة تتحدث يا دكتور؟ ومن وقف مع الكاتب حين تم التشهير به من على المنابر وتمّ التهكم عليه باعتباره حداثيا وكأن الحداثة تهمة ومسبة؟



أنت وأنا ومن يكتب هنا نعلم بأنه حتى وقت قريب لم يكن للكاتب صوت أو مجال في فضاء الثقافة العمانية المعاصرة إلا إن كتب ما يرضي السلطات السياسية والدينية والاجتماعية في بلادنا؟ لماذا ازدهرت وتزدهر كتابات الوعاظ (مع الاعتراف بحقهم في الكتابة) ومنعت كتابات أخرى وتمّ الزج بكتّاب في ردهات التهكم والسخرية بل السجن؟ إذا كان الكتاب والكتابة الناشئة في عمان لا تتعاضد ولا تقف معا حين يتهم كاتب ما بأنه انتقد قبيلة أو عرفا اجتماعيا أو خطأ من سياسي فمن ذا سيحترم قيمة الكتابة ومن ذا سيعترف بامكانياتها في
"أنها مغايرة" في مجتمع القبيلة الذي تدعوا أنت المثقف والكاتب الحر ، الكتاب للخروج على نسقه؟ المجتمع أي مجتمعنا هو قبيلة كبيرة والوزرات التي تراها ليست أكثر من قبائل تمّ طلاؤها بألوان حديثة والا فهل يمكن لأي الحصول على وظيفة دون تدخل وواسطة؟ ولعلك إن قرأت ما كتبه خميس قلم مثلا فستدرك أننا في بلاد "غزية" فأنت مخطئا أم مصيبا ليس لك إلا أن تستنجد بالشيخ أو المشايخ ولعل بعضهم أكثر أمية من جداتنا المسكينات لكنك أنت الكاتب عليك أن تستنجد بهم ان اردت الظفر بالحرية وعدم البقاء في الحبس لا لشيء الا لأنك تكتب. من خلق كل هذه الحساسية تجاه الكتابة في المجتمع العربي اليوم؟ هذا سؤال كبير. أن يتم طرد مثقف لأنه أفنى عمره بين الأوراق واستخرج فكره ولم يذهب إلى سوق المال ولم يطلب الوزارة فهذه قيمة المهزلة في الواقع العربي المؤلم ولو لم يقف كتاب أحرار مع أبي زيد لكان راقد اليوم إلى جوار فرج فودة.

من حق الكتاب أن يستخدموا نفس الأدوات والميكانيزمات التي يستخدمها المجتمع بمختلف تسلطاته وسلطاته للدفاع عما يكتب كيفما كان شكل ونوع كتابته وأينما كانت؟ منشور أو معروض على مرافئ الانترنت . وإن لم يفعلوا ذلك فسوف يأكلون واحدا واحدا بأنياب مجتمع ترّبى على نسق ومفهوم غزية وليس على مفاهيم حرة تحتمل الكتابة والاختلاف. لعلك تتفق معي أن الكتابات التي جرجرت كتابها للمحاكم والمنابر هي بمثابة مزحة ثقيلة في مجتمعات أخرى تحتمل الكتابة . عليك يا دكتور أن تعيد النظر في الواقع وأن تتأمله قبل سنوات محدودة من اليوم فولا وقفة الكتاب مع زملائهم لكان الأمر كما كان محلك سر
.

هناك تعليق واحد:

  1. لله درك! لقد جعلت مقالة الدكتور الحراصي هباء منثورا

    ردحذف