الأحد، 6 ديسمبر 2009

ملخص محاضرة "التأثيرات الاجتماعية للانترنت على المجتمع العماني"



التأثيرات الاجتماعية للانترنت على المجتمع العماني

ملخص

الدكتور عبدالله الحراصي

(محاضرة في النادي الثقافي – السبت 5 ديسمبر 2009)

تتناول هذه الورقة عرضاً لبعض أهم التأثيرات الاجتماعية للتكنولوجيا في المجتمع العماني، خصوصاً التأثيرات الاجتماعية لشبكة الانترنت.

أحد التأثيرات الاجتماعية يتمثل في نشوء مجتمعات افتراضية عمانية مثل المنتديات العمانية الشهيرة (سبلة العرب، سبلة عمان، الحارة العمانية، فرق)، وهي مجتمعات غير منفصلة عن المجتمع الواقعي بل انها ترتبط به ارتباطاً جوهرياً، فمعظم نقاشاتها تتعلق بهموم ذلك المجتمع الواقعي وما يواجهه ويقلقه من إشكالات ومصاعب اجتماعية واقتصادية وحياتية مختلفة. كما أن هذه المجتمعات الافتراضية تؤثر غاية التأثير في المجتمع الواقعي بأشكال مختلفة، خصوصاً بسبب انتشارها وثقة الناس بها.

كما أن الانترنت قد وفّرت إمكانية ضخمة لانفتاح المجتمع العماني على المجتمع المعولم، فالمجتمع العماني لم يعد ذلك المجتمع المحدود بذات البنى الاجتماعية التقليدية كما أن العمليات الاجتماعية التي يشهدها هذا المجتمع قد انفتحت على ما يشهده المجتمع العالمي بأكمله من عمليات وطروحات فكرية واجتماعية وسياسية. فدخلت إلى حيّز الانشغال الاجتماعي قضايا لم تكن معهودة إلا بعد هذا التداخل مع العولمة وعالمها الذي يتمحور على المشتركات الإنسانية وينبت عن الخصوصيات المتوارثة، مثل حقوق الإنسان والمواطنة والعنصرية، وحرية الرأي والتعبير، إضافة إلى قضايا الاهتمام بالبيئة وبالتلوث وغيرها من القضايا الانسانية، والتي يكون فيها أفراد المجتمع العماني أفراداً في مجتمع عالمي له شروطه وقيمه ومثله المختلفة عن السائد تقليدياً في المجتمع العماني. ومن دلالات هذا أيضاً إنشغال المجتمع العالمي هذا بكثير من الأحداث التي تقع في عمان والتي يعتبرها المجتمع العالمي ذات صبغة تخضع لشروط العولمة مثل حريّة التعبير، فأصبحت بعض القضايا التي تقع في إطار المحاكم العمانية مثلاً محط أنظار المتابعة العالمية، على مستوى الإعلام العالمي وعلى مستوى المنظمات العالمية وغيرها من المستويات الدولية.

ومن التأثيرات الإجتماعية الأخرى نشوء قضايا ظهرت بسبب التطورات التكنولوجية المعاصرة وخصوصاً الانترنت، فقد وفرت الانترنت إمكانيات تواصل مكتوب وصوتي وصوري لم يعهد من قبل بين الأفراد، ذكوراً وإناثاً، مما خلق معه حالات إجتماعية جديدة غير معهودة على الإطلاق مثل التعارف عن طريق الإنترنت والسعي للزواج نتيجة للتعارف في العالم الافتراضي، وهو ما أدى إلى نقاشات إجتماعية في مثل هذه القضايا المستجدة.

كما وفّرت الإنترنت إمكانيات ضخمة لم يعرفها العالم من قبل مكّنت من التعبير الحر عن الآراء في القضايا التي تشغل الفرد العماني والتي لم تكن السياقات المألوفة تفسح المجال له للإفصاح عنها وطرح رؤاه حولها، ويمكن الإشارة الى المدونات العمانية التي ناقشت قضايا كانت الحديث عنها في الماضي أمراً في غاية الصعوبة، كما مكّن طرح هذه الآراء على المجتمع العماني وإمكانيات الإنترنت النقاشية من تحويل هذه القضايا إلى قضايا مألوفة يتم النقاش حولها علناً وبحرية غير مألوفة.

وقد قامت الإنترنت بدور إعلامي في غاية الإهمية لم تستطع وسائل الإعلام التقليدية القيام به مثل نشر الأخبار التي يشهدها المجتمع العماني أو تلك التي يهتم بها وتقع خارج الوطن العماني، كما مكنت الانترنت كذلك من التثبت من كثير من الأخبار جرّاء ما توفره من إمكانية لمشاركة أشخاص شهدوا الحدث وشاركوا فيه.

وقد قامت الإنترنت كذلك بدور الرقيب على الأداء الموسسي العام والخاص، وهو ما تفاعلت معه كثير من المؤسسات بالرد والتعليق وغيرها من أشكال التفاعل. ومن الأمثلة على ذلك حدوث بعض الحالات التي أعتبرها نشطاء الانترنت "سرقات أدبية" تشهدها الصحافة المحلية، وقد قامت هذه الصحافة بتقديم ردود على هذه الحالات، وقد أدت هذه الأنشطة الانترنتية إلى تخلي الصحف عن بعض كتّابها الذين ثبت نقلهم لما كانوا يدعونه من نصوص ينشرونها في الصحافة العمانية.

ومن الآثار الاجتماعية للانترنت استغلال المجتمع للقدرة التنظيمية لشبكة الانترنت فتم تنظيم كثير من الأحداث عن طريق الدعوة لها على الشبكة، كما ساهمت الشبكة كذلك في النشر المباشر للعديد من الأحداث مثل عدد من الندوات التي أقيمت في النادي الثقافي والتي كانت تبث مباشرة على شبكة الانترنت. ومن الأمثلة كذلك تنظيم عدد من المدونين العمانيين لحملة ضد مرض N1H1 والتي سعوا فيها عبر الشبكة وعبر المساهمة الواقعية في تعزيز الوعي بهذا المرض وسبل مكافحته.

كما أدت الشبكة إلى تعزيز قدرة المجتمع على مناقشة كثير من قضاياها التي ترتبط ببنيته الاجتماعية التقليدية، حيث ظهرت الكثير من الحوارات الحادة في الشبكة حول البنية الاجتماعية وعناصرها، وهي حوارات تعكس تجاذباً يشهده المجتمع العماني في لحظة تغير تدفع به الحياة الحديثة وقيمها والتكنولوجيا المعاصرة من جانب، والمجتمع التقليدي العماني برؤاه المحافظة المتوارثة من جانب آخر. ومن أمثلة هذه الحوارات ما تشهده بعض المنتديات العمانية مثلاً حول الزواج بين فئات أجتماعية مختلفة، والاستقطاب التي تشهده هذه الحوارات بين الرؤى المحافظة والرؤى الدافعة للتغيير.

وتتناول المحاضرة إضافة إلى استعراض التغييرات آنفة الذكر بعض أشكال الضبط الاجتماعي للانترنت، والتي تتمثل في جملة القوانين المنظمة لها وعلى رأسها قانون الاتصالات العماني، وتحكم الشركات الموفرة لخدمة الانترنت في إمكانيات الدخول لبعض المواقع التي يخالف محتواها ما هو مسموح في قانون الاتصالات العماني، إضافة إلى طلب الفتاوى من المؤسسة الدينية ممثلة في سماحة المفتي مثلاً حول القضايا الاجتماعية الناشئة عن الانترنت.





هناك 4 تعليقات:

  1. نحن بحاجة لمثل هذه الرؤى والتحليلات التي تقيم الواقع، ولسنا بحاجة للتحليلات الإنتقائية..
    شكراً لك يا دكتور

    ردحذف
  2. لم تطرق بشكل مفصل إلى العوامل النفسية المؤثرة في إقبال العمانيين إلى استخدام الانترنت، مثلا أن الحضور الالكتروني يوفر فرصة لاثبات الذات ومهربا من ضغوط الحياة ربما

    ردحذف
  3. علي سليمان الرواحي7 ديسمبر 2009 في 12:33 م

    هل تعني بأن الكتاب أو قبيلة الكتاب لا تفكر ؟ او انها مأخوذه بالجانب الإنفعالي فقط ؟

    ردحذف
  4. علي سليمان يبدو أنك أوردت سؤالك في المكان الخطأ

    ردحذف