الثلاثاء، 1 يوليو 2008

عبدالله الحراصي يتهم عصام عبدالله بنقل مقاله (التمثيل والاستعارة)

تنشر نزوى هذه الرسالة ، بعد أن أرسلها الدكتور عبدالله الحراصي الى ملحق «آفاق» بجريدة الحياة، ولم تنشر في هذا الملحق رغم حق كاتبها في نشرها. ان نشر هذه الرسالة في مجلة «نزوى» يأتي من منطلق مهني لأن دراسة الدكتور عبدالله الحراصي التي يشير اليها قد نشرت في العدد 20 من المجلة.

الأستاذ محرر ملحق آفاق:

انطلاقاً من تقديري الكبير لدور ملحقكم الثقافي «آفاق» في نشر الثقافة الجادة والأصيلة وبث روح الحراك في هذه الثقافة بما هو رصين وحقيقي من إبداع أدبي وثقافي بشتى أشكاله أود أن ألفت نظركم إلى أن المقال الذي نشره عصام عبدالله (وهو أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس المصرية) في ملحق «آفاق» يوم الثلاثاء 31 يناير 2006 والذي حمل عنوان «التمثيل والاستعارة» يحتوي في جزئه الأكبر على نقل حرفي في أغلبه من إحدى دراساتي المتعلقة بالاستعارة المفهومية سبق أن نشرتها في مجلة نزوى دون أي إشارة من قبل عصام عبدالله إلى تلك الدراسة. إن عدد الكلمات التي احتوى عليها مقال الدكتور عصام عبدالله هو 693 كلمة نقل الجزء الذي يتحدث فيه عن الاستعارة (وعدد كلماته 428 كلمة، أي نحو 62 % من متن المقال) من دراسة نشرتها تحت عنوان «الاستعارة والتجربة والعقل المتجسد» في العدد 20 من مجلة نزوى العمانية (ويمكن الرجوع إلى نص تلك الدراسة على العنوان الالكتروني التالي http://www.nizwa.com/volume20/p25_35.html ) وظهرت نفس الدراسة في كتابي «دراسات في الاستعارة المفهومية» الصادر عام 2002 (كتاب نزوى).

وحتى أوضح لكم وللقارئ الكريم حقيقة هذا النقل شبه الكامل أنقل لكم في البدء الجزء الخاص بالاستعارة في مقال عصام عبدالله:

« بيد ان المادة عموماً تلعب الدور الأساس في تشكيل تصوراتنا وأفكارنا المجردة. وأن الاستعارة هي ظاهرة ذهنية قبل أن تكون ظاهرة لغوية، أو قل أن الثانية تجلٍ للأولى. إن عالم الأشياء المادية هو المعروف لدينا، بينما عالم الأفكار هو عالم مجرد يستحيل التفكير فيه من دون استخدام ما نعرفه عن الأمور المادية، وهنا يأتي دور الاستعارة، بحيث ننقل ما نعرف من الظواهر المادية لنشكل ما لا نعرف من الظواهر غير المادية والتجريدية. معنى ذلك أن الاستعارة لا تقوم على «التشبيه» وإنما على «التشكيل»، فهي ليست فقط أسلوباً بلاغياً، لكنها طريقة تفكير تتم بها إعادة تشكيل الخرائط الذهنية والمفاهيمية، وكسر دوائر الإدراك الجامدة، أي أنها أداة لتطوير المفاهيم والنقلات المفاهيمية، كما أنها وسائل للإدراك ولخلق الواقع، وليست مجرد وصف أمين له، وهذا المعنى يختلف عن معنى الاستعارة منذ أرسطو. وديكارت هو أول من دشن في العصر الحديث فكرة أن المعرفة «رؤية ونور». وأقام منهجه على أساس المعرفة اليقينية التي لا يطالها أي شك من خلال رفض كل معرفة احتمالية والوثوق بما هو معروف معرفة تامة، وما هو غير قابل للشك. ونظر الى العقل باعتباره مسرحاً فكرياً توجد فيه مواد استعارية (هي الأفكار) يضيئها نور داخلي (نور العقل الطبيعي) ويراقبها مشهد استعاري (هو قدرتنا على الفهم). ويسمي ديكارت الرؤية العقلية حدساً وهو ما يمكنه من رؤية الأفكار واضحة ويميز في ما بينها. وأثبت كل من لاكوف وجونسون في كتابهما «الاستعارات التي نحيا بها» عام 1980، بأن قناعة ديكارت في العقل الذي يستطيع أن يعرف أي شيء، تستند إلى مجموعة من الاستعارات «المنسوجة ببعضها على نحو محكم، وأهم هذه الاستعارات وأكثرها أساسية هي (المعرفة رؤية) والتي تنقل مجال رؤية الأشياء المادية من طريق العين إلى مجال المعرفة وفهم الأشياء. إن استعارة (المعرفة رؤية) من الاستعارات التقليدية المألوفة في فهم المعرفة العام، كأن نقول «رؤية ثاقبة» أو «رؤية صائبة». ومن هنا فإن كل ما قام به ديكارت هو أنه أخذ هذه الاستعارة على أساس أنها حقيقة فلسفية، فاعتقد أن أهم مشكلات المعرفة هو إمكان أن تكون لدى الإنسان رؤية واضحة لا يشوبها أي غموض، وهنا فإن مشكلة المنهج الفلسفي تغدو مشكلة كيفية رؤية الأفكار رؤية واضحة وتقديمها للعقل كي يتفحصها وأن يميز العلاقات الموجودة بين الأفكار المختلفة. كما استخدم ديكارت استعارات أخرى كاستعارة «العقل حاوٍ للأفكار» مثل «سلة التفاح» وأن قدرات العقل هي أشخاص يقومون بمهام عقلية مختلفة، بحيث يربط في ما بين هذه الاستعارات لينتج منظومة استعارية معقدة تميز مفهومه للحدس أو كما يقول لاكوف وجونسون: العقل، ذلك الشخص في المسرح الديكارتي القادر على الفهم، يتم تصوره من خلال استعارة «الفهم رؤية» باعتباره شخصاً قادراً على الرؤية. كذلك فإننا إذا أضفنا استعارة «الأفكار أشياء» إلى استعارة «العقل حاوي الأفكار» ينتج لدينا أمر لازم هو أن الأفكار هي أشياء موجودة في العقل.»

والتالي هو النص الأصلي الذي ظهر في دراستي السابقة الذكر:

«. الاستعارة أساسا ليست من أمر اللغة وإنما هي ظاهرة ذهنية قبل أن تكون لغوية... يحدث هذا لأن عالم الأشياء المادية معروف لدينا معرفة جيدة بينما عالم الافكار هو عالم مجرد يستحيل التفكير فيه دون استخدام ما نعرفه عن الأمور المادية، وهنا ياتي دور الاستعارة، حيث ننقل ما نعرف من الظواهر المادية لنشكل ما لا نعرف من الظواهر غير المادية والتجريدية. هذا بالتالى يدل على أن الاستعارة لا تقوم على التشبيه وإنما على التشكيل»

«فقد قام منهج ديكارت على أساس المعرفة اليقينية التي لا يطالها أي شك من خلال رفض كل معرفة احتمالية والوثوق بما هو معروف معرفة تامة وما هو غير قابل للشك. وقد قامت رؤية ديكارت للعقل باعتباره مسرحا فكريا توجد فيه مواد استعارية (هي الأفكار) يضيئها نور داخلي (نور العقل الطبيعي) ويراقبها مشاهد استعاري (هو قدرتنا على الفهم). ويسمى ديكارت الرؤية العقلية حدسا وهو ما يمكنه من رؤية الأفكار واضحة ويميز فيما بينها.»

«ويتساءل لاكوف وجونسون عما يجعل ديكارت يعتقد بأن العقل يستطيع أن يعرف أي شيء، ويجادلان بأن تفسير ديكارت يستند على مجموعة من الاستعارات «المنسوجة ببعضها على نحو محكم» وان أهم الاستعارات وأكثرها أساسية في نظرية ديكارت هي المعرفة رؤية والتي تنقل مجال رؤية الأشياء المادية عن طريق العين إلى مجال المعرفة وفهم الأشياء»

«إن استعارة المعرفة الرؤية تعتبر من الاستعارات التقليدية المألوفة في مفهوم المعرفة العام كما أشرنا قبلا في شرحنا لها، حيث إننا نستخدم هذه الاستعارة على نحو مألوف فنقول مثلا «رؤية صائبة»، «أرجو إيضاح فكرتك» الخ. وهنا فإن كل ما قام به ديكارت هو انه اخذ هذه الاستعارة على أساس أنها حقيقة فلسفية، فأعتقد أن أهم مشاكل المعرفة هو إمكانية أن يكون لدى الإنسان رؤية واضحة لا يشوبها أي غموض، وهنا فإن مشكلة المنهج الفلسفي تغدو مشكلة كيفية رؤية الأفكار رؤية واضحة وتقديمها للعقل كي يتفحصها وان يميز العلاقات الموجودة بين الأفكار المختلفة»

«إضافة إلى هذه الاستعارة الأساسية فإن ديكارت استغل استعارات أخرى كاستعارة العقل حاوي للأفكار وان قدرات العقل هي أشخاص يقومون بمهام عقلية مختلفة، حيث يربط ديكارت فيما بين هذه الاستعارات لينتج منظومة استعارية معقدة تميز مفهومه للحدس او كما يقول لاكوف وجونسون.»

لا شك عندي بأن المقارنة بين النصين تكشف عن أن الجزء الخاص بالاستعارة في مقال عصام عبدالله منقول نقلاً شبه كامل من دراستي المنشورة في مجلة نزوى وفي كتابي «دراسات في الاستعارة المفهومية» وهو نقل غير مبرر على الإطلاق على النحو الذي ظهر عليه، وقد تمنيت أن يكون هذا النقل أميناً بحيث يمكنني القول بأن أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس قد فاته سهواً الإشارة إلى المصدر غير أن بعض الإضافات البسيطة مثل التعبير (مثل «سلة التفاح») وبعض الكلمات المتفرقة المضافة هنا وهناك تكشف عن سعي لتغيير بسيط للنص الأصلي، كما تمنيت لو كان الاستاذ الكريم قد طور في مقالته تلك بعض الأفكار الواردة في دراستي سواء على المستوى النظري أو على نصوص أو أمثلة جديدة على نحو يضيء جوانب أخرى لم تتطرق إليها الدراسة، غير أن حضور التغييرات البسيطة وغياب التطوير النظري أو التطبيقي هما أمران لم يساعداني كثيراً في إقناع نفسي بفرضية السهو الأمين في تفسير هذا النقل.

مع شكري وتقديري لكم

الدكتور عبدالله الحراصي

جامعة السلطان قابوس، مسقط

عبدالله الحراصي يتهم عصام عبدالله

بنقل مقاله (التمثيل والاستعارة) كما توضح الرسالة التالية









تصميم الحاسب الشامل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق